الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية

صفة إستشارية لدى الأمم المتحدة
إطلاق تجريبي
2021-01-25

آلام .. و ذكرى أمل

  في هذا العدد من مجلتنا “لتعارفوا” استبشرنا خيرا بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمادها الرابع من فبراير من كل عام ــــــــ ذكرى التوقيع على وثيقة الأخوة الإنسانية ــ يوما دوليا للأخوة الإنسانية، حظي هذا القرار بإجماع و دعم دولي كبيرين، وهو ما يعد توافقا دوليا على أهمية هذه الوثيقة الاستثنائية في تاريخ الإنسانية الحديث، التي تضمنت مجموعة من المبادئ والمثل العليا التي تتفق عليها جميع الأديان و الثقافات المختلفة.

         و تكمن أهمية هذا القرار في هذا التوقيت الصعب من تاريخ البشرية،حيث نلاحظ تنامي الأنانية و الفردانية والميول المتطرفة ،و ما يجرى بحق الأقليات الدينية من عمليات تطهير ديني في بعض البلدان حيث تم استهداف مجتمعات بأكملها بسبب عقيدتها و كثرة الحروب ، و انتشار الفقر و المجاعة ، و شيطنة الإسلام و المسلمين و إلصاق تهمة الإرهاب بهما ، لا بد من التأكيد على روح هذه الوثيقة الهادفة إلى تحقيق المصالحة والأخوّة بين البشر، وبين كلّ الأشخاص ذوي الإرادة الطيبة، أملنا في الله أولا و آخرا ثم في حكمة قادة الأديان وعقلاء العالم وجهود المؤسسات الإنسانية في نشر قيم التعايش والتسامح والسلام في العالم كافة، للقضاء على الكراهية والتطرف والعنف و العنصرية وغيرها من الآفات التي تشتت الجهود وتمزق المجتمعات وتعبث بالأوطان .

        إن الاحتفال بالذكرى السنوية الأولى على صدور هذا الإعلان التاريخي الذي يقرّب الإنسان من بعضه البعض وفى الوقت نفسه يوجّه رسالةً قويّة إلى العالم بأسره، مفادها بأن جميع البشر هم إخوة.

               و هي احتفائية صاحبتها الأخبار المتتالية عن انتشار الموجة الثانية من فيروس كورونا و ظهور سلالة جديدة لفيروس كورونا في العديد من الدول، والمشاهد المؤلمة للضحايا المتداولة عبر وسائل الإعلام تحتم علينا جميعاً  التضامن والتعاطف مع ضحايا و مصابي فيروس كورونا في كل مكان في العالم.

            و كم فرحنا كثيرا بخبر مباشرة الكثير من الدول حملة التلقيح التي نأمل أن تقضي على هذا الفيروس ،لتعود الحياة إلى طبيعتها.

          أن الإجراءات الوقائية للحماية من المرض ومنع انتشاره أمر في غاية الأهمية، ولكن أيضاً مساعدة المجتمعات التي تفشى فيها المرض والوقوف إلى جانبها حتى خروجها من هذه المحنة هو من أولى واجبات الأخوة الإنسانية.

         لذلك ندعو لتعاون صحي عالمي لمحاربة كورونا و نقل التجارب الجيدة؛ فالأخوة الإنسانية رحمة تتخطى الحدود والاختلافات والمعتقدات،وقلب يحزنه ما يصيب البشرية،ويد تمتد بالعون والمساعدة لإنقاذ المكلومين والضحايا والمصابين والمضطهدين.

            إن إنهاء هذه المأساة ومواجهة كورونا ليست مسئولية الدول التي أصابها المرض فقط، بل هي مسئولية العالم كله بدوله وشعوبه وهيئاته ومنظماته، حتى شفاء آخر مريض.

        إن الاحتفال بالذكرى السنوية الأولى للأخوة الإنسانية يجعلنا نتأمل في كثير من المقولات أو  الشهادات فقد  قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش: «يحطم قلبي رؤية أعداد متزايدة من الأفراد يتعرضون للإذلال والمضايقة والاعتداء علناً بسبب دينهم أو معتقداتهم. لقد قُتل اليهود في المعابد اليهودية، دنست قبورهم بالصليب المعقوف(رمز النازية)وقتل المسلمون في المساجد، وقتل المسيحيون أثناء الصلاة وأحرقت كنائسهم». وقال أيضا:إنه من غير المقبول في القرن الحادي والعشرين أن يواجه الناس التمييز والتخويف بسبب معتقداتهم، و أن اضطهاد الأقليات الدينية فى العالم أصبح أمراً لا يحتمل، وأن النطاق الكامل لحقوقهم الإنسانية مكفول، والدول ملزمة بتنفيذ سياسات تضمن احترام هوياتهم وأنهم يشعرون بأنهم جزء كامل من المجتمع ككل.

      و كما قال قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية:لا يوجد أمامنا خيارٌ آخر، إما أن نبنى المستقبل معاً أو لن يكون هناك أي مستقبل.